العرض في الرئيسةفضاء حر

الحادث الذي قطع كلمة صالح بعد ادائه القسم في مجلس الشعب

يمنات

علي حسين الضبيبي

انقطعت اخبار عبدالخالق المحفدي عن مجلس النواب منذ عام. ومؤخراً علمت ان هذا الموظف المثالي تعرض لجلطة دماغية اقعدته الفراش بعد حياة زاخرة بالدوام والانضباط الوظيفي والقصص والشواهد المهمة.

يعتبر عبدالخالق المحفدي (66 عاماً) من قدامى موظفي البرلمان اليمني الذي تعود بداياته الوظيفية الى اواخر سبعينات القرن الماضي عندما كان سكرتيراً خاصاً للقاضي عبدالكريم العرشي رئيس مجلس الشعب التأسيسي ثم مجلس الشورى لاحقاً.

عُرف عن عبدالخالق عبدالله المحفدي الطيبة والأمانة وله سيرة وظيفية حافلة بالإنجاز والتجارب في سلك الإدارة والتوثيق والأرشفة.

كان أحد اكثر الاشخاص اللصيقين بالقاضي عبدالكريم العرشي ومحط اعتماده وثقته. وقد عاصر هذا الموظف العديد من المحطات الانتفالية المهمة بحكم عمله وقربه من احد اهم الشخصيات الفاعلة في الدولة في تلك المرحلة.

جلست معه مرتين عام 2008 وتحدث معي عن الكثير من المواقف التي عاصرها ولا سيما حضوره جلسة مجلس الشعب التأسيسي التي صعد عبرها المقدم علي عبدالله صالح الى سدة الرئاسة وكيف جرت الامور وسارت بعد حادثة اغتيال الرئيس احمد الغشمي.

وشرح كيف ان القاضي عبدالكريم العرشي كان قد تفرغ لادارة الدولة من خلال مكتب خاص به في القيادة بموجب الدستور الذي نص على ان يتولى رئيس مجلس الشعب التاسيسي رئاسة الدولة ( مؤقتاً) في الظروف الاستثنائية. وكيف ان عبدالكريم العرشي اسند مهمة ادارة شئون مجلس الشعب التأسيسي الى نائبيه الشهيرين: سعيد الحكيمي ويوسف الشحاري متفرغاً لمهمة اكبر: رئاسة الدولة.

كانت الاجواء متوترة بين الشمال والجنوب يومها وكان اعضاء مجلس الشعب يحضرون وكأن على رؤسهم الطير : من القلق.

تولى الحكيمي والشماحي ادارة جلسة المداولات التي استقر فيها رأي الاغلبية لأن يتولى المقدم علي عبدالله صالح رئاسة الدولة خلفاً للغشمي. ولم يعترض في تلك الجلسة التحضيرية الهامة احد سوى محمد الرباعي وشخص آخر او شخصين (تحفّظاً) وعلي سيف الخولاني الذي غادر الجلسة دون ان يعبر عن رأيه.

جرت عملية انتخاب علي عبدالله صالح من خلال التصويت المباشر بالوقوف (صوتاً صوتاً) وبالصيغة التي بدأها القاضي محمد بن اسماعيل الحجي ثم تبعه البقية بالترتيب في جلسة اداراها الحكيمي والشحاري ويساعدهما محمد الخادم الوجيه! وكيف ان الشيخ احمد سالم العواضي واليوسفي وزير الداخلية يومها قد لعبا دوراً ترجيحياً لصالح المقدم علي عبدالله صالح.

وفي جلسة القسم المقررة في اليوم التالي حضرت الدولة كلها: اعضاء مجلس الشعب والوزراء وبعض القادة العسكريين واعضاء السلك الدبلوماسي وسفراء وممثلي الدول والبعثات الدبلوماسية الى قاعة مجلس الشعب وكانت الاجراءات الامنية مشددة للغاية.

وقال المحفدي ان المقدم علي عبدالله صالح وصل في تمام العاشرة صباحاً واستقبله القاضي العرشي.

القاعة مزدحمة جداً وبانتظاره ولم يكن هناك مجال لتبادل الاراء والنقاشات بعد ان اقفل النقاش بالاختيار والتصويت الموثق في جلسة الامس اذ ان الجلسة اليوم مخصصة لاداء القسم الدستوري ( الرئاسي) والاستماع لكلمة الرئيس الجديد بعدها.

لم تستبعد التوقعات حصول مكروه من خلال اي هجوم على القاعة او على الرئيس الجديد على غرار ما حصل للغشمي.

وقال المحفدي ان الرئيس صالح تمكن من اداء القسم رغم هالة الجو واللحظة الرهيبة التي هيمنت على المكان يومها وخلقت اجواء مشحونة بالخوف.

ويضيف:” تم القسم في قاعة مجلس الشعب متبوعاً بوقوف جماعي وتصفيق حار ومطول لكن اثناء كلمة الرئيس علي عبدالله صالح حصل حادث بسيط اربك القاعة واثار ضجة فقطع الرئيس كلمته وقررت الحراسة وهيئة الرئاسة انتقال الرئيس الى القيادة ( دون ان تعلن) واكمل كلمته هناك” .

قال المحفدي ان هذا حصل لأن حراسة الرئيس والقاضي العرشي والمسؤلين تملكتهم خشية ان يحصل للرئيس مكروه في هذا الظرف الحساس فنقلوه الى القيادة ” والدليل ان خلفية الصورة التي يظهر فيها المقدم علي عبدالله صالح وهو يؤدي القسم هي نفسها خلفية مجلس الشعب لكن عندما القى الكلمة اختلفت خلفية الصورة حيث تظهر الستائر القماشية وليس الغطاء الخشبي المخصص للقاعة” وهذا ليس عيباً ولا نقصاً في الاجراءات الدستورية انما تم اتخاذ اجراءات اكثر سلامة وامان.

ما الذي حصل ماهو الحادث البسيط! سألته!

فأجاب:” اكمل القاضي الشماحي من قراءة القرآن بعد القسم ثم اخذ مقعده وشرع الرئيس صالح بعدها إلقاء الكلمة لكن بسبب الزحمة الشديدة في القاعة سقطة نجفة من سقف القاعة وحطت مباشرة فوق رأس وعمامة القاضي الشماحي الذي صاح بصوته الجهوري: جنيييي والقاعة نُكزت والحراسة انتشرت وحصل الارباك فأخذوا الرئيس واخرجوه من الباب الشرقي للقاعة باتجاه القيادة وبعد ساعة كان التلفزيون يبث كلمته الرئاسية صوتاً وصورة”.

يعتبر عبدالخالق المحفدي من جيل الموظفين القدامى في البرلمان وهو الذي كان يتولى طباعة الكثير من مشاريع القوانين والمذكرات التي يبعثها رئيس مجلس الشعب الى نظرائه في مختلف دول العالم.

والمحفدي هو الذي تولى طباعة مشروع الميثاق الوطني للمؤتمر الشعبي العام وهو الذي تولى طباعة مشروع التقسيم الانتخابي الذي جرت بموجبه انتخابات مجلس الشورى يوم 5 يوليو1988.

اتصف عبدالخالق المحفدي بالاستقامة والامانة وقد كرمته الدولة عام 89 عندما حاز على جائزة الموظف المثالي. وكان آخر عمل له نائباً مدير عام الاعلام والثقافة بمجلس النواب 2022.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليغرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى